الخميس، 1 يوليو 2021

تعريف التقوى لغةً واصطلاحًا

 

تعريف التقوى لغةً واصطلاحًا

من الالوكة

التقوى لغةً: الوقاية، ومصدره: وقاء، بمعنى حِفْظ الشيء عما يؤذيه، ومنه: قوله تعالى: ﴿ وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ﴾ [الدخان: 56].

 

ومعنى قولك: اتَّقِ الله: أي: اجعل بينك وبين عذاب الله وقاية، ومنه: قوله صلى الله عليه وسلم: «اتَّقوا النار ولو بشق تمرة»؛ رواه البخاري (1413)، ومسلم (2347) عن عدي بن حاتم.

ومعنى قولك: اتقى فلان كذا؛ أي: جعله وقاية.

 

ومنه قول النابغة الذبياني:

سقط النصيفُ ولم ترد إسقاطه *** فـتنـاولـته واتَّقـتنا بالـــيد

 

وأجدر ما يُتَّقَى به من العذاب يوم القيامة، الوجه؛ قال الله تعالى: ﴿ أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾ [الزمر: 24] [1].

 

وفي الاصطلاح: للتقوى أكثر من عشرةِ تعاريف: منها ما اقتُصِرَ فيه على تعريفِ جانبٍ دون آخر، ومن أحسن التعريفات ما قال طلق بن حبيب: إذا وقعت الفتن، فأطفئوها بالتقوى، قالوا: وما التقوى؟ قال: هي أن تعمل بطاعة الله على نورٍ من الله رجاءَ رحمة الله، والتقوى ترك معاصي الله على نورٍ من الله مخافةَ عذاب الله؛ رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" برقم (30993)، وهو أثر صحيح، والله أعلم.

 

شرح أثر طلق بن حبيب في تعريف التقوى:

قوله: التقوى هي العمل بطاعة الله: قال الله تعالى: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ﴾ [آل عمران: 50]، وهذا في أكثر من عشرة مواضع من القرآن الكريم.

 

وإلى هذا يُضمُ ما قال الجرجاني: في "تعريفاته" (ص65): التقوى في الطاعة يراد بها الإخلاص؛ ا .هـ.

 

قلت: ومثله: قول من عرَّفها بالاحتراز بطاعة الله عن عقوبته.

 

وقوله: على نورٍ من الله؛ أي: على بصيرة؛ قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا ﴾ [الأنفال: 29].

 

ويقول تعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ﴾ [الطلاق: 2]، والفرقان والمخرج عامَّان.

 

وقوله: رجاء رحمة الله: قال الله تعالى: ﴿ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأعراف: 156].

 

وقوله: والتقوى ترك معاصي الله: قال تبارك وتعالى: ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [البقرة: 223].

 

وقال صلى الله عليه وسلم: «اتقوا الدنيا واتقوا النساء»؛ رواه مسلم (6948) عن أبي سعيد الخدري.

 

وقال صلى الله عليه وسلم: «من اتقى الشبهات؛ فقد استبراء لدينه وعرضه»؛ رواه البخاري برقم (52)، ومسلم (4094)، عن العمان بن بشير.

 

ويدخل في هذا تعريف من قال: التقوى هي اجتناب كل ما فيه ضرر، وكذا تعريف من قال: التقوى هي المحافظة على آداب الشريعة، ومجانبة كل ما يُبعد المرء عن الله تعالى.

 

وكذا ما تقدم من تعريفها لغةً، ولو لاحظت وجدتَ أن أكثر تعاريفها مبنيٌّ على هذه الفقرة، والله أعلم.

وقوله: على نورٍ من الله، مخافة عذاب الله: قال الله تعالى: ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [المائدة: 2].

وقال صلى الله عليه وسلم: «اتقوا النار ولو بشق تمرة» عن عدي؛ رواه البخاري برقم (1413)، ومسلم (1016).

 

وبقي تعاريف متممةٌ لما مضى، منها:

ما ذكرَ السيوطي في "الدر المنثور" (1 /61): أن رجلًا سأل أبا هريرة عن التقوى؟ فقال له أبو هريرة: هل أخذت طريقًا ذات شوكٍ؟ قال: نعم، قال: فكيف كنت تصنع إذا رأيت الشوك؟ قال: أَعْدِلُ عنها، أو جاوزتها، أو قَصُرت عنها، قال: ذاك التقوى؛ أي: فكذلك التقوى، وبنحوه عن عمر أنه سأل أبي بن كعب، فقال له كما قال أبا هريرة.

 

وفي هذا يقول عبدالله بن المعتز؛ كما في "تفسير ابن كثير" (1 /53):

خل الذنوب صغيرها https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

وكبيرها ذاك التقى https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

واصنع كماشٍ فوق أرض https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

الشو ك يحذر ما يرى https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

لا تحقرن صغيرة https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

إن الجبال من الحصى https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


وفي "شرح السنة" للبغوي: (14 /341)، عن عمر بن عبدالعزيز: أنه قال: التقي ملجم، لا يفعل كل ما يريد؛ ا .هـ.

علامات التقوى:

قال عبدالله بن عمر: التقوى ألا ترى نفسك خيرًا من أحد، ذكره البغوي في "تفسيره" (1 /60).

وقال مالك بن أنس: بلغني أن رجلًا من الفقهاء كتب إلى ابن الزبير يقول: ألا إن لأهل التقوى علامات يُعرفون بها، ويَعرفونها من أنفسهم: من رَضِيَ بالقضاء، وصَبَرَ على البلاء، وشَكَرَ على النَّعماء، وصَدَق في اللسان، ووفَّى بالوعد والعهد، وتلا أحكام القرآن، وإنما الإمام سوقٌ من الأسواق، فإن كان من أهل الحق حَمَل إليه أهل الحق حقَّهم، وإن كان من أهل الباطل حَمَل إليه أهل الباطل باطلهم، ذكره ابن الأثير في "جامع الأصول" (11/ 703 ـ 704).

 

وقال الحسن البصري: يا بن آدم عملك عملَك، فإنما هو لحمك ودمك، فانظر على أي حال تلقى عملك، إن لأهل التقوى علامات يُعرفون بها: صدق الحديث، والوفاء بالعهد، وصلة الرحم، ورحمة الضعفاء، وقلة الفخر والخُيلاء، وبذل المعروف، وقلَّة المباهاة للناس، وحسن الخلق؛ رواه أبو نعيم في "الحلية " (2 /143).

 



[1]ا .هـ ملخصًا من "تفسير الطبري" (8 /665)، و"تفسير ابن كثير" (4 /243)، و"تفسير الألوسي" (12 /374)، و"بصائر ذوي التمييز" (5 /258)، وغيرها.

...............................
التقوى
من ديوان الإيمان .. التقوى
التقوى
التقوى خير زاد
من معاني التقوى ......
................................
تعريف القاعدة الفقهية لغة واصطلاحا(مقالة - آفاق الشريعة)
تعريف القضاء لغة واصطلاحا(مقالة - موقع أ. د. محمد جبر الألفي)
تعريف التقليد لغة واصطلاحا(مقالة - آفاق الشريعة)
تعريف الزكاة لغة واصطلاحا(مقالة - آفاق الشريعة)
تعريف الاشتقاق لغة واصطلاحا(مقالة - حضارة الكلمة)
التعريف بالقرآن الكريم لغة واصطلاحا(مقالة - آفاق الشريعة)
تعريف الدلالة لغة واصطلاحا(مقالة - حضارة الكلمة)
تعريف الدعوة لغة واصطلاحا(مقالة - آفاق الشريعة)
تعريف الاجتهاد لغة واصطلاحا(مقالة - آفاق الشريعة)
تعريف الجملة لغة واصطلاحا(مقالة - حضارة الكلمة)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

القصص القرآني والتاريخ في القرآن

  القصص والتاريخ قصص انبياء - موسي عليه السلام و فرعون (466) قصص انبياء - ابراهيم عليه السلام (197) قصص انبياء - نوح عليه السلام (113) قص...